عندما اقترح بطليموس أن للأفلاك دوائراً أطلق عليها اسم: دوائر الأفلاك، وذلك لتفسير ظاهرة الحركة التراجعية للكواكب الخمسة: الزهرة وعطارد والمريخ والمشتري وزحل. لم يلقى هذا الاقتراح قبولاً عند علماء الفضاء والفلك المتأخرون، التابعين للمدرسة الكوبرنيكية، واعتبروا ذلك تفسيرا تكلُّفيّاً لظاهرة الحركة التراجعية للكواكب الخمسة.
ولكن الأرصاد، كانت لهم بالمرصاد، لأن أرصادهم أثبتت أن الكواكب الثلاثة: المريخ والمشتري وزحل، لها دوائر أفلاك تدور حولها، ليس الكواكب الثلاثة وحسب، بل حتى الشمس، بل والأرض أيضاً!
وقد اطلقوا عليها: الدوران حول مركز الكتلة.
ونحن نوافقهم أن لهذه الأجرام دوائر أفلاك تدور حولها، كما قرَّره بطليموس، وربما أيضاً للشمس، ولكن نظراً لقرب الشمس منا، فنحن لا ندرك هذه الحركة، بالدقة التي ندرك بها دوائر الأفلاك للكواكب الثلاثة الباقية، ولعل لهذه الحركة، علاقة بظاهرة الأنالما الشمسية.
ولكننا نخالفهم في كون الأرض كذلك تدور حول مركز الكتلة، أي: أن الأرض ليس لها دائرة أفلاك كباقي الكواكب، ولكنهم اضطروا للقول بذلك، لأنهم أرادوا وضع تفسير لهذه الظاهرة، التي تجري للشمس، فادعوا أن الشمس تدور حول مركز الكتلة، بفعل الجاذبية المزعومة، التي تربطها بسائر الكواكب، وهنا قالوا: إذا كان الأمر كذلك، فيجب أيضاً أن الأرض يحدث لها نفس الشيء، وهنا افترضوا أن للأرض دائرة أفلاك أيضاً، بل زعموا أن القمر عندما يدور حول الأرض، فهو لا يدور حول الأرض، بل يدور حول مركز كتلته، لأنهم لم يكتشفوا له حركة حو لمركز كتلة خاصّ به، فادعوا ذلك، لتطَّرد فرضيتهم على سائر الأجرام السماوية، وبناء على ذلك، فإن الزهرة وعطارد، عندما يدوران حول الشمس، فهما أيضاً، إنما يدوران حول مركز كتلتيهما، وليس حول الشمس حقيقة!
وكذلك نختلف مع بطليموس عندما وضع دائرة أفلاك للزهرة وعطارد، والصواب: أن الزهرة وعطارد مجرد أقمار تابعة للشمس، وبالتالي هي تدور حوله، وليس في دائرة أفلاك تخصّها.
وفي النهاية نعلم، أن افتراض بطليموس، في وجود دوائر أفلاك للكواكب السيّارة الثلاثة: المريخ والمشتري وزحل، كان افتراضاً صائباً، ومقبولاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق