كان أول من افترض أن الكائنات الحيّة نشات من سلف واحد مشترك، هو الفيلسوف الإغريقي أَنَكْسِمَنْدَرْ (٦١١ق.م–٥٤٧ق.م تقريبًا)
فقد كان يرى أن الأرض كانت سائلًا ثم أخذت تتجمد شيئًا فشيئًا، وفي خلال ذلك كانت تنصب فوق الأرض حرارة لافحة تبخر من سائلها بخارًا يتصاعد ويكوِّن طبقات الهواء، فهذه الحرارة عندما التقت ببرودة الأرض كوَّنت الكائنات الحية، وقد كانت تلك الكائنات أول أمرها منحطة، ثم سارت في طريق التطور إلى درجات أعلى فأعلى بما فطر فيها من دافع غريزي يدفعها إلى الملاءمة بين أنفسها والبيئة الخارجية. إذن فقد كان الإنسان في أول مراحل حياته سمكة تعيش في الماء، فلما انحسر الماء بفعل التبخر اضْطُرت الأسماك المختلفة إلى الملاءمة بينها وبين البيئة، فانقبلت زعانفها على مر الزمان أعضاء صالحة للحركة على الأرض اليابسة، وهي ما ترى من أرجل وأيدٍ. اهـ
(انظر: قصة الفلسفة اليونانيةز تأليف زكي نجيب وأحمد أمين)
وقد كانت هذه الفرضيّة، معروفة ومشهورة في أوساط الفلاسفة، حتى المنتسبين إلى الإسلام منهم، فقد ذكرها عبدالرحمن بن خلدون في مقدمة تاريخه فقال: "ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش وما لا بذر له وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لان يصير أول أفق الذي بعده واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه وانتهى في تدريج التكوين إلى الانسان صاحب الفكر والروية ترتفع إليه من عالم القدرة الذي اجتمع فيه الحس والادراك ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل وكان ذلك أول أفق من الانسان بعده وهذا غاية شهودنا". اهـ
وهذا يدل على أن داروين ليس هو أوّل مكتشف لفرضية التطوّر، مما يدلنا على أن القصّة التي رويت في كيفية اكتشافه لهذه الفرضيّة، فيما ذكر أنه سافر على متن بارجة في رحلة علمية دامت بضع سنوات، ليست سوى قصة مكذوبة، أو على الأقل محرّفة، لإعطاء داروين وفرضيته المزيد من الزخم الإعلامي، وليكون في ذلك وسيلة للتأثير في نفوس الناس أكثر، فعندما يقرأ الناس أو يستمعون لقصة رحلته المثيرة، قد يصيبهم هذا بالإعجاب بداروين وفرضيته، فيعظم داروين في نفوسهم، ويتقبلون فرضيّته.
وهناك احتمال كبير، أن نظرية التطور تم استظهارها من قبل كادر مكلّف بذلك، وأن داروين ليس سوى واجهة فقط، على مبلغ معلوم يقدّم إليه.
بينما الحقيقة، أن داروين كان إنساناً فاشلاً، دفعه عجزه وضعف عقله عن الاستمرار في دراسة الطِبّ، تلك المهنة النبيلة، التي كان يدرسها، والإقبال على دراسة شيء لا فائدة منه، سوى أنه أوجد للملاحدة أسطورة جديدة، ليفسّروا بها كيف نشأت الحياة على الأرض.
ولكن، ما مدى صحة هذه الفرضيّة؟
إن هذه الفرضية ليس عليها أدلة صحيحة صريحة، ولم يستطع القائلون بها، أن يثبتوا دعواهم بالأدلة القاطعة، وكل ما لديهم، هو الاستشهاد بتنوع الكائنات، وتقارب كثيرٍ منها في الشكل والهيئة، وهذا ليس دليلاً كافياً.
وهذا ما دفع الملاحدة بها إلى تزوير الأدلة من مستحاثات وأحافير لأجل الانتصار لها، وللتدليل على ذلك، سوف أكتفي بكشف حقيقة مستحاثة واحدة، ألا وهي، مستحاثة أردي.
حيث أدلى الدكتور تيم وايت، وهو قائد الحملة لاكتشاف هذه المستحاثة، بتصريحات بيّنت حقيقة أردي، دون أن يشعر بذلك.
فقد صرّح في فيلم وثائقي بثّته قناة ديسكوفري، أن أردي تم أكتشافها قبل أن تكتشف كامل المستحاثة بخمسة عشر عاماً، وأنه لم يُكتشف منها في ذلك الوقت، سوى كِسر عظام لا تملء الكفين.
قلت: وهذا أمرٌ عجيب، إذ كيّف تعرف الدكتور تيم وايت على مستحاثة أردي، من خلال كسر عظام لا تملء الكفّين؟!
إن قيل: أن ذلك تمّ من خلال تشريح هذه الكِسَر العظميّة.
فالجواب: كيف يستطيع المشرِّح، التعرّف على كامل الهيكل العظمي، بل وصورة الكائن الذي ينتمي إليه هذا الهيكل، من خلال أجزاء قليلة محطمة من الهيكل!
فلو أعطينا هذه الكِسر العظمية لمجموعة من المشرحين، وطلبنا منهم أن يشرّحوا لنا هذه الكسر العظمية، وان يستظهروا لنا منها الشكل الكامل للهيكل التي هي جزء منه، وصورة الكائن الذي ينتمي إليه هذا الهيكل، دوم أن يعلم بعضهم ببعض، فهل كنّا سوف نظن أنهم جميعاً سوف يتفقون على تشكيل هيكل واحد وصورة واحدة؟!
إن الادعاء بأنه بالإمكان معرفة شكل هيكل عظمي وصورة الكائن التابع له من خلال جزء من الهيكل العظمي، هي كذبة صريحة، واستغفال للبشر، واستحماقٌ لهم، واستهانة بفكرهم وعقولهم.
لأن هؤلاء العلماء، يستغلّون ثقة الناس بهم، فيتجاسرون على الكذب عليهم، والإدلاء بمعلومات مزيّفة، كي يبقو حبيسي أيدلوجياتهم الفكرية.
ثم لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الدكتور تيم وايت صرّح بأن الهيكل العظمي، لم يتم جمعه من مكان واحد، بل إن أجواءً منه، كالساق، عثر عليها ممددة في بطن الوادي، وتذكروا: "في بطن الوادي". أي أنها في الحقيقة قطع عظام قدم بها الماء أثناء جريانه في الوادي من مكان بعيد.
وبعضها وجدت عالقة منذ سنين طويلة في جرف الوادي، ولولا أن الماء جرف التربة عنها، بفعل مروره المتكرر بالوادي، لما عُثِر عليها، بينما تم جمع أسنان هذه المستحاثة من وجه الأرض، حيث أظهر التصوير مجموعة من أفراد البعثة، وهم يبحثون على وجه الأرض، وفي أماكن متفرقة عن أسنان أو عظام يمكن أن تصلُح جزءاً من هيكل أردي، حتى أن بعض الأسنان عثِر عليها في أسفل بعض الأشجار!
فما هذه المستحاثة، التي يتم جمع عظامها من أماكن متفرّقة!
لقد كنا نظن أن المستحاثة، عبارة عن هيكل عظمي، كامل أو يوجد أكثره، في مكان واحد، بحيث لا يشك المنقِّب أن هذه الأجزاء بعضها من بعض، أما أن يتم تجميع عظام هذا الهيكل من أماكن متفرّقة، وبعضها يبعد بضعة أعشار من الأمتار من الموقع الأصلي، فهذه لم تعد مستحاثة، ولا يمكن القول بأن أجزاء هذا الهيكل بعضها من بعض.
لقد تبيّن لي، وأنا اشاهد هذا الفيلم، أن أردي، ليست سوى هيكل مؤلف ومركّب عمداً، على الصورة التي تم إظهاره عليها في الإعلام، من هيكل بشري وهيكل قرد، ليتم التأكيد على العثور على إحدى حلقات التطور المفقودة، التي تربط بين الإنسان بزعمهم، وبين اسلافه القرود.
وأما صورت أردي الظاهريّة، والبيئة التي عاشت فيها، فقد تم اختلاقها على أيدي مجموعة من المصممين، الذين تم غرائهم بالمال، ليقوموا بتصميم مخلوق لم يوجد بعد! مخلوق تم تخيّل شكله قبل أن يكتشف بخمسة عشر عاماً!
وأما عمرها، فكم يزعم الدكتور وايت، أن العظام كانت هشّة بحيث لا يستطيع أن يتم فحصها بجهاز فحص عناصر الكربون المشع، وتنبّه إلى أنه وهو يتحدث عن العظام، كان يشير فقط إلى العظام التي وجدت في جرف الوادي، متجاهلاً عن عمد، بقيّة أجزاء العظام، التي وجد بعضها في بطن الوادي، وبعضها وجد على وجه الأرض! لأنه يريد أن يصل من خلال ذلك إلى أمر، وهو أنهم لم يستطيعوا فحص العظام، لذلك لجؤوا إلى فحص التربة، الموجودة بجوار العظام التي عثر عليها في جرف الوادي.
حسناً، لماذا لم يتم فحص العظام المددة في بطن الوادي، والأسنان التي عثر عليها على وجه الأرض، حتى أن بعض الأسنان عثروا عليها في أسفل بعض الاشجار؟!
إنه لا يريد ذلك، لأن النتائج لن تكون مرضية.
ولكن، هل صدقوا ايضاً في تقدير عمر العظام الموجودة في جرف الوادي، أم أنهم قاموا بتحديد عمر المستحاثة، ليكون عمرها صالحاً لان تكون حلقة وصل بين الإنسان بزعمهم، وبين اسلافه القرود.
جواب هذا السؤال، يمكن معرفته من خلال اعترافات تيم وايت عن كيفية العثور على مستحاثة أردي.
وإذا كانوا قد قاموا بتزوير مستحاثة أردي من البداية وحتى النهاية، فهذا دليل صريح، على أنهم لم يصدقوا في شيء مما أدعوا اكتشافه من حفريات ومستحاثات، وأنها كلها، قد أعدّت سلفاً، لتكون حجة ماديّة على صحة التطور.