وهل الشهب مجرد ظاهرة كونية أم أنها خدعة شيطانية؟ وما هي حقيقة المذنبات؟
ما من ظاهرة كونيّة، إلا ونجد الفلكيين الغربيين والشرقيين يحاولون تفسيرها تفسيراً مادياً.
ومن ذلك ظاهرة الشهب، هذه الظاهرة التي بيّن لنا ربنا عز وجل ونبيّه صلى الله عليه وسلم سبب حدوثها خير بيان.
ولكن علماء الفلك لهم رأي أخر.
فهم يحاولون تعليل سبب تساقط الشهب، ويعطونها أسماء تحوي معنى التعليل الذي قدموه لسقوطها.
والحقيقة أن الشهب تحدث على مدار العام، ولكن هناك فترات تكثر فيها الشهب، دونما ارتباط حقيقي بالعِلل التي ربطوها بها، فيحاولون نسبة كثرة تساقطها إلى علة مادّيّة.
وعادة ما يسندون سبب هطول هذه الشهب إلى أحد المذنبات، وأحياناً قلائل، إلى أحد الكويكبات، خصوصاً إذا كان حدوث الزخات الشهابية متزامنة مع مرور تلك المذنبات أو الكويكبات، فيدعون أن الشهب هي عبارة عن فتات للمذنب الفلاني أو الكويكب الفلاني، وأن ما يتساقط من حجارته إذا دخل الغلاف الجوي الأرض يحترق، فيحدث الشهاب!
طبعاً هذا قائم على اعتقادهم، أن المذنبات عبارة عن أجرام ضعيفة البُنية.
ويعود السبب في اعتقادهم ذلك، أنهم لما راوا المذنّب يصدر ذنباً ساطعاً وراءه، بفعل الرياح الشمسيّة، خمّنوا أن يكون هذا الذنب الساطع خلف المذنّب، عبارى عن غبار وماء صادر عن هذا المذنب، ثم ارجعوا سبب انبعاث هذا الغبار والماء من المذنب إلى ضعف بنيته، فهم لم يصلوا إلى ذلك المذنب، ولم يحلّلوا تركيبته، ولا يدرون هل حقا هذا المذنب الساطع هو غبار أو ماء أو أنه شيء أخر!
فهم لاعتقادهم بضعف بنية المذنب، افترضوا أنه أثناء تطوافه في الكون، تتناثر حجارته منه، وأن هذه الحجارة، إذا لامست الغلاف الجوي للأرض تحترق، فينتج عن ذلك الشهاب!
هذا في المذنب، فما شان الكوكب، ذو التركيبة الصلبة والمتينة؟!
إذ أن من المفترض أن الكويكب ذو بنية قوية ومتماسكة، وبالتالي لن تسقط منه أي حجارة، فلماذا ينسبون إليه التسبب في حدوث بعض زخّات الشهب!
وقد أطلقوا على هذه الزخّات اسماء متنوعة، كدلالة على مصدرها "زعموا" وهي:
- زخة شعب الرباعيات تحدث 3 - 4 يناير متوسط الشهب فى الساعة يصل 40 شهابا. ومصدر هذه الزخات من الشهب غير مؤكد ولكن يعتقد العلماء أنه قد يكون الكويكب 2003EH1.
- زخة شهب القيثاريات تحدث 21 - 22 أبريل متوسط الشهب فى الساعة يصل 20 شهابا. ويزعمون أنها تأتي من حُطامٍ ناجم عن مذنب ثاتشر C/1861 G1، إذ تعبر الأرض كل سنة خلال هذا الحطام مكوّنة بذلك شهب القيثاريات. والعجيب أن هذا الحطام لم يتبدد في الفضاء على طول السنين، ولا يزال باقياً ينتظر الارض تمر به ليمطرها بوابل من حجارته!
- زخة شهب إيتا الدلويات: تحدث 5 - 6 مايو متوسط الشهب فى الساعة يصل 30 شهابا. ويزعمون أنها زخة شهب تترافق مع مرور مذنب هالي. وهذا من أعجب العِلل، لأن مذنب هالي لا يمر بزعمهم في سماء الأرض إلا كل 80 سنة، بينما هذه الزخات تحدث كل سنة! يبدو أن مذنب هالي يرسل حجارته إلى سماء الأرض عبر البريد الممتاز!!
- زخة شهب دلتا الدلويات: تحدث 28 - 29 يوليو متوسط الشهب فى الساعة يصل 20 شهابا. ويزعمون أنها تأتي بسبب دخول بقايا حطام المذنبين (مارسدن وكراخت) الغلاف الجوي الأرضي، وهذا الحُطام كسابقه، باقٍ في السماء لم يتبدد في الفضاء، ينتظر الأرض متى تمرّ به، حتى يلقي عليها شيئاً من حجارته!!
- زخة شهب البرشاويات: تحدث 11 - 12 أغسطس متوسط الشهب فى الساعة يصل 80 شهابا. ويزعمون أن مصدره من حطام المذنب سويفت تتل، الذي يحدث كل 133 عامًا، فيبقى هذا الحطام كل هذه الأعوام، حتى يمر المذنب مرة أخرى ويترك حطاما أخر بديلاً عنه، فإذا مرت به الأرض سنوياً قذف عليها من حجارته، وعلى مدى 133 عاما يبقى حطامه لا يتبدد في الفضاء، ينتظر الأرض تمر به كل سنة، ليلقي عليها من حجارته، حتى يمر المذنب مجدداً ويترك حطاما أخر، لأنه لا يصح أن يترك الأرض بدون شهب !!
- زخة شهب التنين: تحدث 6 - 8 أكتوبر متوسط الشهب فى الساعة يصل 10 شهب. ويزعمون أنها تأتي نتيجة دخول الأرض في مخلفات غبار مذنب يدعى: Giacobini-Zinner.
- زخة شهب الجبار: تحدث 20 - 21 أكتوبر متوسط الشهب فى الساعة يصل 20 شهابا. ويزعمون أن مذنب هالي هو مصدر حدوث زخة شهب الجباريات، بسبب ما تركه من حجارة أثناء مروره، والمذنبات تترك حجارتها خلفها لتبقى عالقة تتنظر مرور الأرض ولا تتبدد في الفضاء.
- زخة شهب الثوريات: تحدث 4 - 5 نوفمبر متوسط الشهب فى الساعة يصل 10 شهب. ويزعمون أنها تنتج من حبيبات الغبار التي يخلفها الكويكب 2004 - TG10 ، وأيضا من مخلفات المذنب 2P-Encke ، وهذه المرة أحالوا السبب في حدوث هذا الشهب إلى سببين، مذنب وكويكب.
- زخة شهب الأسديات: تحدث 16 - 17 نوفمبر متوسط الشهب فى الساعة يصل 15 شهابا. ويزعمون أنها تنتج من حبيبات الغبار التي يخلفها مذنب تمبل "تتل".
- زخة شهب التوأميات: تحدث 13 - 14 ديسمبر متوسط الشهب فى الساعة يصل 120 شهابا. ويزعمون أنها تنتج من الحطام الغباري الذي يخلفه كويكب فايثون 3200 ، وهنا يبدو أن الكويكبات صارت أكثر هشاشاة من المذنبات، مع أنها كويكبات، والأصل أن تكون ذات قوام صلب ومتماسك!! ولكن الهدف هو البحث عن علة ماديّة لحدوث الشهب فقط.
- زخة شهب الدبيات: تحدث 22 - 23 ديسمبر متوسط الشهب فى الساعة يصل 10 شهب. ويزعمون أن سبب حدوث هذه الزخات، هو مخلفات حطان مذنب أسمه توتال، يلقي بفتاته أثناء دورانه، وكل ما مرت الأرض بمداره تساقطت عليه حجارته!
وكما نرى دائماً ما يعزو الفلكيون سبب حدوث الشهب إلى المذنبات، فإن لم يجدوا مذنباً ووجدوا كويكباً، عزو سبب ظهور الشهب إلى ذلك الكويكب، مع أن الكويكب جرم صلب ومتماسك، كما أسلفت!
وللرد على ذلك أقول:
أولاً: أن المذنبات التي يتم نسبة حدوث ظهور الشهب إليها، لا يمكن رصدها بالعين المجردة، وإنما ترصد بالتلسكوبات الضخمة، وأحيانا ينسبون ذلك إلى حطام المذنب لا لمرور المذنب نفسه، وهذا امر غريب! لأننا نرصد الكثير من المذنبات بالعين المجرّدة في سماء الأرض، وفي أوقات مختلفة من السنة، ومع ذلك لا تقع زخات شهب مثل تلك التي تقع أثناء مرور المذنبات التي ينسبون إليها التسبب في ظهور الشهب! مع أن المذنب المرصود بالعين المجردة، يكون اقرب إلى الأرض، وبناء على أدعائهم، فيجب أن يكون هناك زخات كبيرة وأكبر من تلك التي يزعمون أنها تصدر من المذنبات البعيدة، لقربه الشديد من الأرض، ولكن هذا لا يقع في الحقيقة، وهذا يدل على أن المذنبات بريئة من كونها المتسببة في حدوث ظاهرة الشُهُب!
والثاني: من المعلوم انھ لم يرصد قط شھاب وھو يسقط من الأعلى إلى الأسفل . أي: إلى ناحية الأرض؟ والأصل أنه بناءً على تصورهم، يجب أن تسقط الشهب من الأعلى إلى الأسفل، إلى ناحية الأرض، كما تسقط زخّات المطر.
والثالث: أن الشهب عندما تهطل لا تكون في اتجاه واحد، أي، أنها لا تهطل كالمطر، بل تنطلق من اتجاهات مختلفة وتتجه إلى وجهات مختلفة. والاصل أنه بناءً على تصورهم، يجب أن تهطل الشهب في اتجاه واحد، وليس في اتجاهات عشوائية كما هو واقع الحال!
تنبيه: من يرى حركة الشهب في السماء، وكيف أنها تنطلق في عرض السماء بسرعة فائقة، من يمين السماء إلى يسارها، ومن شمالها إلى جنوبها، وتنطلق من جهات مختلفة وتتوجه إلى جهات مختلفة، يجد فيها شبهاً كبيراً بقذائف المدفعية وطلقات الرصاص، وهذا دليل أخر على أنها مقذوفات يقذفها الله تعالى على أعداءه.
والرابع: أن الكويكب جرم صلب، فلا يتوَقَّع أن يتسبب في حدوث الشُهُب، ولكنهم لما لم يجدوا سبباً لتعليل حدوث ظاهرة الشهب المعروفة بالرباعيات والتوأميات. جعلوا هذا الكويكبات عِلّة في حدوثها.
ومع أن الكويكب جسم صلب ومتماسك، فلو سلمنا أنه سبب وقوع زخات الشهب في بعض الأحيان، فإنه يجب أن تكون كمية الزخات التي يطلقها اقل بكثير من زخات الشهب التي تطلقها المذنبات أو مخلفاتها، ولكن الذي يقولونه هو العكس، فشهب التوأميات التي يدعون أن الكويكب هو سبب حدوث زخاتها الشهابية، تطلق 120 شهاباً في الساعة، بينما الثوريات، التي يزعمون أن سبب حدوث زخاتها الشهابية كويكب ومذنب معاً، لا تتجاوز زخاته الشهابية 10 شهب في الساعة، وهذا تناقض عجيب!
والخامس: أن هناك الكثير من الكويكبات تمر عبر سماء الأرض، ومع ذلك لا تقع أي زخات شهابية، وبالتالي نعلم أن الكويكبات هي الأخرى بريئة من حدوث ظاهرة الشُهُب.
وأما جميع الصور المنشورة في المواقع والتي تظھر فيھا الشهب وھي تسقط من الأعلى إلى الأسفل، وتسقط كلها من جهة واحدة، كزخّات المطر، ھي صور معدلة حاسوبيا.
بل إن تلك الصور المعدلة تظھر الشھب وھي تسقط في اتجاھ واحد كزخات المطر.
وھذا يثبت ان ھذھ الصور صور احتيالية. يراد بھا التأثير على تصور الناس للشھب.
لأن ھذا لا يقع في الحقيقة.
وهناك أمر أخر مهم: وهو أنه يستحيل رصد بُعد وارتفاع هذه الشهب، لانها تنطلق بسرعة فائقة، وتختفي بسرعة فائقة، لذلك فادعائهم أن هذه الشهب في داخل الغلاف الجوي، هو مجرد كلام تنظيري ليس عليه أي دليل.
ولكن هناك أمر هامٌ جداً يجب التطرق إليه، وهو:
أنهم عندما يحددون فترة هطول الشُهب تجد أنه فعلا في هذه الفترة تزداد كمية الشهب التي تظهر في السماء، وأحياناً يزعمون أنه سوف تكون هناك زخات استثنائية سوف تقع بكميات كبيرة جداً، ويعزون ذلك إلى مذنب أو كويكب سوف يمر قريباً من الأرض، وتتفاجئ أنهم مصيبون في ذلك، بل إنهم يكتشفون المذنب – وليس الشهاب وحسب – بل حتى المذنب، يكتشفونه قبل أن يصل إلى الأرض، ويقدرون بعده، ويقدرون زمن وصوله، ورؤيته في سماء الأرض، ويكون ذلك صحيحاً.
ولو سألتهم كيف علموا ذلك؟ فسوف تكون الإجابة، ان لديهم من الآلات وأدوات الرصد المتطورة، والعمليات الرياضيّة الحسابية، ما يستطيعون من خلاله معرفة ذلك.
فهل يا ترى الآلات وأدوات الرصد والعمليات الحسابية هم من مكّنتهم من ذلك؟ أم أن وراء الأكمة ما ورائها؟
لعل هذا السؤال، يجيبه التاريخ، فالتاريخ يشهد، أن الفلكيين القدماء، كانوا يستطيعون تقدير متى يظهر المذنب في سماء الأرض، ويكون تقديرهم صحيحاً. ويتم ذلك، في وقت ليس فيه آلات ولا أدوات رصد ولا عمليات حسابيّة!
يقول أبو تمام الشاعر (188 - 231 هـ / 803-845م) وهو يتحدث عن المنجمين القدماء:
وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَة ٍ .. إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ
فهو هنا يخبرنا، أن المنجمين، وهم علماء الفلك في زمانه، باعتبار أن جميع الفلكيين في ذلك الزمان، كانوا كلهم منجمون، يخبرون الناس أنه سوف يخرج مذنب في الوقت الفلاني في الجهة الفلانية، وأنه إذا خرج هذا المذنب، فسوف تقع مصيبة على الأرض.
إذا الفلكيون كانوا يستطيعون معرفة ذلك! فكيف يتمّ لهم ذلك، وهم لا يوجد لديهم آلات ولا أدوات رصد ولا قوانين ولا عمليات حسابية، حتى تلسكوب لا يوجد لديهم؟!
هذا جنون، وهو حقيقة يدفعك للشك بقوّة، فيما يدعيه الفلكيون المعاصرون، وكأنهم يجعلون الآلات ومعدات الرصد والقوانين والعمليات الحسابية، حيلة لهم للتستر عن أساليبهم الحقيقية في معرفة ذلك.
هل سمعتم يوماً بالكهّان، الذين يدعون علم الغيب، والذين يخبرونك بما سوف يقع في المستقبل، وفجأة تجد أن ما أخبروك به قد وقع حقيقة! من اين جاء هؤلاء الكهّان بهذه المعلومات التي لم تقع بعد، وسوف تقع في المستقبل؟!
بل إنك أحياناً عندما تدخل إليهم، وأنت لم يسبق لكم أن قابلتهم، ولا تعرفهم ولا يعرفونك، فتجدهم يخبرونك عن أسمك واسم والديك واسم أقاربك، ويخبرونك ايضاً بالسبب الذي أقدمك عليهم! فكيف يعرفون ذلك؟!
هل سمعتم بالرمالين، الذين إذا اضعت شيئاً وذهبت إليهم، قاموا يرسمون خطوطاً في الأرض، ويعملون هيئاتٍ مختلفة، ثم يخبرونك بموضع حاجتك التي أضعتها، فتذهب فتجدها حيث أخبروك! كيف علموا ذلك!
إذا كيف يصدق الفلكيون عندما يخبروننا أنه في اليوم الفلاني سوف تكون هناك زخات شهب بالقدر الفلاني، وهناك مذنب سوف يخرج في اليوم الفلاني؟
الحقيقة أن المسألة بالنسبة لي، وكشخص له معرفته الخاصة بما وراء الطبيعة، سواء مما ورد في القرآن والسنة، او من اشخاص كانوا يمتهنون الكهانة والسحر، ثم تابوا من ذلك، وفاءوا إلى الحق، أو كشخص تعرّض لهذا النوع من الأذيّة، في نفسه وزوجه، وشاهد ما لم يشاهده غيره، والجميع يستطيع أن يشاهد ذلك بنفسه، ويتخذ التدابير التي تكشف له صدق ما يقع من هذه الأمور الغريبة والعجيبة، سوف يكون على قناعة تامة بما أقول.
لكني سوف اقتصر على ذكر حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في الحديث الصحيح، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كالسلسلة على صفوان، قال علي: وقال غيره: صفوان، ينفذهم ذلك، فإذا {فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا} للذي قال: {الحق وهو العلي الكبير} فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا، واحد فوق آخر، ووصف سفيان بيده وفرج بين أصابع يده اليمنى، نصبها بعضها فوق بعض، فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه، إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض، وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر، فيكذب معها مائة كذبة، فيصدق، فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا، يكون كذا وكذا، فوجدناه حقا؟ للكلمة التي سمعت من السماء" اهـ
فلا يبعد أن إبليس (لعنه الله) أمر جنوده من شياطين الجِنّ أن يصعدوا في هذه الفترات بكثرة إلى السماء، قد يكون هناك سبب بالنسبة له، وهو أن هذا الوقت عادة يكون أنسب وقت لاستراق السمع، فقد تكون هذه الأوقات هي الأوقات التي تنزل فيها الأوامر إلى السماء الدنيا.
وهناك تعليل أخر، فكما نعلم أن إبليس (لعنه الله) كائن ماكر محتال، فقد يكون أمر جنوده بكثرة الصعود إلى السماء في هذه الأوقات، لأنه أراد بذلك أن تنزل هذه الشهب بكثرة في هذه الأوقات، لعلمه أن الله تعالى سوف يرسل هذه الشهب على جنوده، فيخبر أولياءه من الإنس، بأن الشهب سوف تنزل في الفترة الفلانية بكثرة، تصل إلى كذا وكذا شهاب، بحسب ما يقدره هو، وقد يوهم أولياءه من الإنس أن هذا بفعل المذنب الفلاني الذي قدر وصوله في الوقت الذي سوف يأمر أتباعه بالصعود إلى السماء، وقد يجهل إبليس زمن صعود الشياطين، متزامناً مع مرور ذاك المذنب أو ذاك الكويكب لينسب إليه سبب زخّات الشهب.
وبذلك يوهم الناس بأن هذه الشهب ظاهرة طبيعية، وبالتالي يشكك المسلمين وغير المسلمين في القرآن الكريم وفي السنة النبويّة، ويجعلهم يعرضون عنها.
لا تظنوا هذه مزحة، فإبليس قادر على فعل مثل ذلك، وأعظم من ذلك.
ومما يؤكد علاقة الفلكيين بشياطين الجن، ما ذكره الفلكي بيير بورل (1620-1671م) في كتابه "منطق جديد يثبت تعدد العوالم" يقول: "إذا كان هنالك مخلوق يعرف عين الحقيقة بالنسبة لتعدد العوالم ويمكنه الإجابة الكاملة على هذا السؤال: فإنهم الشياطين، ولكن كيف يمكننا الحصول على أقوالهم حول هذا الموضوع، إن ذلك من خلال وسائل الاتصال بهم، إنه أكيد فإن هذه pans, syluains والآلهة الأخرى التي كانت تظهر قديماً للناس كانوا شياطين محبوبين، وفي قصة الساحر fauste قال بأن الشياطين تتجول بين النجوم خلال ثمانية أيام وإنهم يصعدون 47 ألف lieues (المسافة تساوي 188000 كيلو متر) وإنهم يرون الأرض ومدنها من هذه المسافات الشاسعة ...".
وتعتبر شھادة بيير بورل أول اعتراف من جھة غير دينية على أن الشياطين تصعد إلى الفضاء الخارجي، وھذا مصداق لحديث النبي صلى اللھ عليھ وسلم في خبر صعود الجن الى السماء لاستراق السمع.
فالجن عندما تصعد إلى الفضاء وتتجول بين كواكبه ترى المذنبات وهي تسير ناحية الأرض، وتقدّر بعده وسرعته وزمن وصوله إلى سماء الأرض، فتخبر أولياءها من الفلكيين بذلك، ولكنها تعطيهم معلومات مغلوطة عن بعده وسرعته، فتجعل بعده أكبر بكثير، وتجعل سرعته أكبر بكثير، وقد يكون هذا من وضع الفلكيين أنفسهم، ليتزامن هذا مع التصور الفلكي الذي ابتدعوه لأبعاد الكون الهائلة التي قرروها.
كل شيء جائز، لماذا تحاول أن تقنع نفسك أن هذا لا يمكن أن يحدث!!
وإلا فكيف عرف الفلكيون القدماء زمن وصول المذنبات إلى سماء الأرض؟!
وكما نعلم فإن علماء الفلك الغربيون أو الشرقيون، هم قومٌ لا يؤمنون بالقرآن ولا بالسنة النبويّة، لذلك من المعقول أنهم لن يفسروا الظواهر الكونيّة بحسب ما ورد في القرآن الكريم أو السنة النبويّة.
ولكن العجب كل العجب، من قوم يدّعون الإسلام، ويتظاهرون بالإيمان بالقرآن والسنة، ثم تجدهم يعرضون عن حقائقه لظنون مجموعة من الملاحدة أو اليهود أو النصارى، وأحسنهم حالاً من يحاول ويجتهد أن يحرف معاني نصوص الكتاب والسنة لتتوافق مع ظنون وأوهام هؤلاء القوم!