الآلات الفضائية تكون إما مركبات أو مسابير أو تلسكوبات.
وكل آلة من هذه الآلات، حتى يتم إرسالها إلى الفضاء، تحتاج إلى صاروخ ضخم، مزوّد بآلات دفع ووقود.
ويكلف تصميم هذه الآلات مع الصواريخ التي تقوم بإرسالها إلى عشرات الملايين من القطع الذهبية، بأي عملة كانت.
إن تكلفت الصاروخ الذي يقوم بإرسال الروّاد إلى وكالة الفضاء الدولية، التي لا ترتفع أكثر من 400 كم، يكلّف قرابة 20،000،000 دولار أمريكي.
فكيف بصواريخ يراد منها أن تنطلق إلى ما هو أبعد من هذا الارتفاع بكثير، إلى القمر أو المريخ أو إلى كويكب أو مذنب!
ولكن إرسال آلة فضائية إلى الفضاء أمر تعتريه الكثير من الإشكالات، من حيث طريقة التحكم فيها، وتوجيهها، واستقبال المعلومات منها، فالمسافات التي يفترضون أنها تفصل بيننا وبين كواكب ما يسمونه بالمجموعة الشمسية، ونسميها "المجموعة الأرضية" كبيرة جداً، إنها بملايين الكيلو مترات، وهم ينسبون الفضل في ذلك إلى ضخامة وقوة المستقبلات التي وضعوها للتحكم بهذه الآلات، ولكن هذا غير منطقي من جهتين:
الاولى: أنه مع ضخامة المستقبلات الأرضية إلا أنها لا تساوي شيئاً أمام هذه المسافات التي افترضوها بين أجرام المجموعة الأرضية، وزيادة على ذلك، فإن الرادار المثبت في الآلة الفضائية ليس بتلك الضخامة، إن محيطة يبلغ بعضة أمتار، فكيف يستطيع رادار بهذا الحجم، أن يرسل إشارة تصل إلى ملايين الكيلوا مترات!
هذا شيء لا يصدّق!
إذ من المرجّح أن لا تستطيع هذه الرادارات إرسال أو استقبال الإشارات فيما بينها، وبالتالي لا يمكن التحكم بهذه الآلات في الفضاء، بأي شكل من الأشكال، فضلاً عن أن تكون هذه الآلة روبوت على شكل عربة يمكن التحكم في مساره وجهته بكل أريحية! لأن هذه الجزئية، هي أكبر نقطة محيّرة في الموضوع!
ولكن هناك أمر أخر:
من المعلوم أنه لا يمكن التحكم في الآلات الفضائية، ولذلك وكالات الفضاء، تزعم أنه تستعين بجاذبية الكواكب في انطلاق هذه الآلات، فهم يوجهون الصاروخ الحامل للآلة، والصاروخ ينطلق بالآلة حتى تنفذ من جاذبية الأرض، ثم ينتهي وقوده ليتحطم ويتفكك في الفضاء، وتبقى الآلة في الفضاء تحت رحمة جاذبية الكواكب!
وهذا أمر غريب.
لأنه لو سلمنا أن هذه الآلة معدّة للاتجاه لكوكب من الكواكب، لنقل بأنها موجهة للمشتري، وهي لا تملك الآن أي قوة دفع، أو لديها قوة دفع ضعيفة، فكيف لم تعلق في جاذبية أحد الكاوكب أو الكويكبات المنتشرة في السماء بكثرة!
لماذا عندما يوجهون مسباراً إلى كوكب من الكواكب، نجد هذا المسبار وكأنه يختار الكوكب الذي يريد أن يتوجه إليه، أو وكأن أحداً يتحكم في اتجاهه حتى يصل إلى الكوكب المراد!
وكيف للمركبات والمسابير التي يزعمون أنها حطت على القمر أو المريخ أو أحد الكويكبات أو المذنبات أن تتفادى التعلّق في مدارات هذا الجرم! وإن كانت مزوّدة بصاروخ صغير ووقود، فهل يعقل أن هذا الصاروخ الصغير والوقود القليل أن يكون قادرا على النفاذ من جاذبية تلك الأجرام، لنقل أنه استطاع لانفاذ من الكويكب أو المذنب، فكيف استطاع النفاذ من القمر أو المريخ!
إذاً جميع هذه الأمور تفيد أحد أمرين:
إما أن يكون كل ما نراه ونسمعه مجرد خدعة.
أو أن الأجرام السماوية قريبة جداً، بحيث يمكن إرسال واستقبال الإشارات منها، وبناء على ذلك، يكونون قادرين على التحكم في حركتها واتجاهها، ويستطيعون أن يسيروها على أراضي الجرم الذي بعثوها إليه، ويستطيعون إرجاعها أيضاً، إذا زوّدت بمنصّة إطلاق ومواد احتراق كافية.
ولكن لو اخترنا الخيار الثاني، فسوف نقع في معضلة أخرى! وهي:
بما أنهم قادرون على التحكم في حركة الآلات في الفضاء، وعلى القمر والمريخ والكوكيبات والمذنبات، فلا شك أنه ينبغي أن يكونوا قادرين على إرسال بعثات مأهولة بروّاد الفضاء، خصوصاً وأنهم يدّعون اليوم، أنهم قادرون على إرسال مسابير روبوتية، يستطيعون استردادها متى شاءوا!
إذاً لماذا لم يقوموا بإرسال بعثات مأهولة؟! ولماذا هم إلى اليوم، حائرون في كيفية الوصول إلى القمر أو المريخ، حتى أنهم قبل عدة سنوات، أعلنوا أنهم سوف يقومون ببعث مجموعة من الناس للعيش في المريخ، ولكنها رحلة بلا عودة، لانه وحسب قولهم: لا يستطيعون ولا يعرفون كيف يقومون بإعادة الرحلة إلى الأرض!
إن من خلال نظرتي وتفحصي لهذا الأمر، تبيّن لي ما يلي:
أن المسافات بين الأجرام السماوية وخصوصا المجموعة الأرضية ليست كبيرة، بل هي اقرب مما افترضوه لها من الحسابات، ولذلك هم قادرون على تصميم رادارات قادرة على ارسال واستقبال الإشارات من هذه الآلات، وليسوا في حاجة إلى رادارات كبيرة، بل يكفي رادار محيطة بضعة أمتار.
ولكن هذه الرادارات لا تستطيع أكثر من استقبال الصور التي ترسلها تلك الرادارات، هي شبيهة برادارت الإتصالات الخلوية. ولكن ليس لديها القدرة على التحكم في توجيه تلك الآلات ولا إرسائها على الأجرام السماوية الأخرى، أو إعادتها إلى الأرض، ولذلك عندما يرسلون آلة من تلك الآلات، مركبة أو مسبار أو تلسكوب، فهم لا يأملون في إعادته إلى الأرض، بل يستمرون في استقبال الصو رمنه، وهو يسبح في هذا الفضاء دام أنه يسبح قريبا من الأرض، حتى إذا ما صار على بعد سحيق، انقطعت الإشارة بينهم وبينه، واستبدلوه بآخر، وهكذا.
ولكن هناك سؤال: أوليس بعض وكالات الفضاء العالمية تعلن أنها استطاعت إرسال مسابير وإعادتها إلى الأرض؟
والجواب: بلا، ولكن هذه مجرد ادعاءات فارغة، فهذه الوكالات لها توجهات سياسية أكثر من كونها علمية، فهم يسيرون على مبدأ: "يجب أن يكتب التاريخ ان دولتنا وصلت القمر أو المريخ أو كويكب أو مذنب، ولو بالكذب" فبعض الوكالات تقول: قد سبقنا إلى الادعاء بالوصول إلى القمر والمريخ، فهلم ندعي أننا وصلنا كويكباً أو مذنباً، وهذا يعطيهم شهرة أكبر، فقد ملذ الناس من سماع أخبار الوصول إلى القمر وإلى المريخ!
وهم في كل ذلك، يتعلمون من شقيقتهم الكبرى: الولايات المتحدة الأمريكية، بل حتى في طريق استقبال وكالات الفضاء العالمية لخبر وصول او رجوع آلاتهم الفضائية، يحاولون تقليد شقيقتهم الكبرى في الضحك والتبسم والوقوف والتصفيق! إنهم يقلدونهم في أدقّ التفاصيل!
ثم نتسائل ونقول: ما حاجة هذه الوكالات للبحث عن أبعاد وأحجام الأجرام السماوية، وما حاجتهم لان ياتوا بتراب أو حجارة من جرم من الأجرام؟ إنهم لا يستفيدون من ذلك أي شيء! ولن تخدم هذه العمليات البشرية حكومات ومحكومين اي شيء.
ما وظيفة وكالة الفضاء العالمية التي تنفق الدول المشاركة في تصميمها مئات الملايين من الدولارات؟
وهل حقاً الصين أرسلت مسبار بملايين الدولارات ليصوّر لهم مؤخرة القمر فقط؟!
كنت مرة اشاهد فيلماً وثائقياً بثّته قناة ناشيونال جيوغرفيك، عن ثلاثة رواد أمريكيين، متوجهين لوكالة الفضاء الدولية، كان كل واحد منهم لديه غرفة مجهزة بوسائل اتصال متقدمة، ولكن الذي شدّني في الفيلم، أن ثلاثتهم كانوا يتظاهرون أن مهمتهم تقتصر على دراسة حياة النمل في الفضاء، حيث يمتلك كل واحد منهم كيساً صغيراً فيه مجموعة من النمل!
تخيلوا، رحلة تكلّف دولتهم أكثر من 20،000،000 دولار تطلقها لأجل أن يدرسوا حياة النمل في الفضاء! ما الحاجة إلى ذلك؟!
إن الجواب على هذه الأسئلة يسير وميسّر.
فهذه الوكالات في الحقيقة، أسّست لأغراض سياسية وخدمات تخدم البشر حقيقة.
فأما سياسياً، فهي تستخدمها لأغراض عسكرية.
وأما في الخدمات العامة، فهم يستخدمونها لبعث أقمار صناعية، تفيدهم في سهولة الاتصال، وبثّ إشارات التلفزة والراديو ونحو ذلك.
وأما الفائدة العلمية، فهم يعلمون أنه ليس هناك فائدة يرجونها من دراسة أبعاد وأحجام وكتل وكثافة وأعمار الأجرام السماوية، هذه بالنسبة لهم أمر ثانوي، لأنهم يعلمون أن هذا القسم من العلوم، يصنّف على أنه من فضول العلم، الذي لا يضرّك إن جهلته ولا ينفعك إن علمته، ولكنهم لا يمانعون أن تبعث معهم الجامعات علماء متخصصين في علوم الفضاء، كون الرحلات سوف تنطلق في مهماتها الأساسية، بهم أو بدونهم.
ولم يفُت الحكومات أن تستغل هذه النقطة أيضاً، فرحّبت بالبعثات العلمية، وعملت على دعمها بقدرٍ ما، ليسجل لهم في التاريخ أنهم وصلوا القمر أو المريخ أو وصلوا كويكباً أو مذنباً، وسوف تبقى أعمالهم هذه مخلدة في التاريخ ما بقي التاريخ! ولكن إن لم يحصل هذا في الواقع، فلا بد أن يسجل التاريخ أن هذا قد حصل، وعلى العلماء أن يتعاونوا معهم على ذلك راغبين أو راغمين! لتوهم الحكومات شعوبها أنهم ليسوا دون غيرهم، ويوهموا الأجيال القادمة أنهم أمة عظيمة، لم يستطع من جاء بعدهم أن يصنع صنيعهم.
والله أعلم وأحكم.