يدعي علماء الكونيّات المتأخرون، أن الكون نشأ من انفجار عظيم، وقع من نواة متناهية في الصغر، وأن هذا الكون بأسرة، كان محشوراً في هذه النواة!
وأن انفجار هذه النواة، تسبب في تحرّر كمية كبيرة من الغبار والطاقة.
فأما الغبار، فتقطّع بسبب الانفجار العظيم إلى سحب كبار، وهذه السحب الكبار تقطّعت بدورها إلى سحب أصغر، وأن هذه السحب الأصغر، تقطّعت إلى سحب أصغر.
فمن السحب الكبيرة، تكونت العناقيد المجريّة، ومن السحب الأصغر، تكونت المجرات، ومن السحب الأصغر، تكونت النجوم والكوكب.
فمجموعة النجوم والكواكب القريبة من بعض، تُشكّل المجرات، والمجرات القريبة من بعض، تُشكّل العناقيد المجريّة.
ولكن كيف اجتمعت هذه الأغبِرَة لتكون كوكباً أو نجماً ابتداءً؟
هنا يكون الجواب: الصُدفَة، فالصُدفَة عندهم، هي الملاذ الوحيد، لهذا السؤال المعضلة!
فإن قالوا: أن الجاذبية هي السبب في تكون الكواكب والنجوم، فالسؤال الآخر: لماذا إذا لم تعمل الجاذبية على دمج كواكب ونجوم المجرَّة الواحدة، لتشكل جُرماً أكبر، وتعمل على دمج العناقيد المجريَّة، لتُشكِّل جرماً ضخماً.
سوف يقولون: لأن الانفجار الكبير، يعمل على تفرقة وتبديد المجرات والعناقيد المجريَّة!
وسوف نقول: إذاً لماذا لم يعمل الانفجار الكبير على تبديد ذرات الغبار الأوليَّة، ويمنع من تشكل الكواكب والنجوم؟!
وسوف يقولون: لأن الجاذبية بين الذرات الغبارية كانت قويّة، بينما بين المجرات والعناقيد المجريَّة كانت ضعيفة، ولذلك تشكلت الكواكب والنجوم، ولم تنصهر المجرات والعناقيد المجريَّة مع بعضها البعض!
وسوف نقول: لماذا كانت الجاذبية بين ذرات الغبار قوية، وبين المجرات والعناقيد المجريّة ضعيفة؟!
وسوف يقولون: بسبب أنه عند الانفجار الكبير، وتبدد الغبار أول مرة، توسعة الفجوة بين المجرات والعناقيد المجريَّة، وبالتالي لبعد المسافة بينها ضعفت الجاذبية بينها.
والجواب على هذا الهراء: أنه لو كان الانفجار الكبير هو سبب نشوء المجرات والعناقيد المجريَّة، وهو في نفس الوقت سبب عدم اندماجها في جرم ضخم، فبالتالي نقول: من المستحيل تكوّن الكواكب والنجوم ابتداء، لأن الانفجار الكبير، سوف يعمل على توسعة الفجوة بين ذرات الغبار الكوني، كما يزعمون هم في المجرات والعناقيد المجريَّة.
وزعموا أن الأرض كوكب من كواكب إحدى تلك المجرات، والتي أطلقوا عليها اسم: مجرّة درب التبانة.
ويزعمون أن الأجرام الكونية كانت ساخنة جداً في أول نشوئها، ولكن أكثرها برد، لأن مكوناتها الكيميائية غير تفاعلية، ولا تصدر حرارة ولا لهباً، ما عدا الشمس والنجوم، والتي بفعل مكونات غبارها، استمرت في السخونة وإنتاج الحرارة واللهب.
وأن الأرض بفعل سخونتها أول نشأتها، أصدرت أدخنة كثيفة، تشكّلت من هذه الأدخنة، سُحُب ماطرة، فلما أمطرت على الأرض، شكّلت البحار، وتسبب هذا في رطوبة تربتها، أحدث ذلك تفاعلاً حيوياً، أنتج أوّل خلية حيّة، كانت بذرة الحياة على الأرض، ليربطوا بعد ذلك، بين كيفيّة نشأة الكون، وبين نظرية التطوّر، التي تتحدث عن كيفيَّة نشأة الحياة.
ومع أن انبعاث الأدخنة، يحتاج أساساً إلى وجود عنصر الماء، المكوَّن من ذرتين هيدروجين وذرة أكسحين، ليتبخر، حاملاً معه ما استطاع حمله من مواد كيميائية أُخرى، بمعنى أن الماء، يجب أن يكون في المادة المحترقة حتى يكون هناك دًخان منبعث من هذه المادة، إلا أنهم يرون أن الماء تركب من هذه المواد، التي اجتمعت مع مواد أخرى، لتكوِّن الأرض، بمحض الصُدفة، فأخذت كل ذرتي هيدروجين تمتزج مع ذرة أكسجين، وتجتمع لتشكل قطرات الماء، التي تعرَّضت لسخونة الأرض في أوّل تشكلها، لتتبخر، وتتصاعد إلى السماء، مكونة السُحُب الماطِرة!
ولا أعلم حقيقة، لماذا باقي الأجرام لم تنتج أدخنة مثل الأرض، لتمطر وتتسبب في وجود الحياة على أراضيها، مع أن علماء الكونيّات، يدعون أن هناك كواكب كثيرة صالحة للحياة!
ويعتقد علماء الكونيّات، أن الكون لا يزال مستمراً في الانفجار، وبالتالي، الكون لا يزال يتوسّع، مما يقتضي أن جميع جزيئات هذا الكون مستمرة في التباعد، فنجوم وكواكب المجرة الواحدة، تتباعد، والمجرات يتباعد بعضها عن بعض، والعناقيد المجريّة يتباعد بعضها عن بعض، وهكذا ..
ولكن هذا الظن بات قديماً، إذ نشأت عند علماء الكونيّات مشاكل رصديّة، جعلتهم يتراجعون عن تلك الفرضيّات، ويعتقدون أن التباعد إنما يقع بين المجرات فقط، ثم تراجعوا عن هذه الفرضيّة أيضاً، وقصروا التباعد بين الأجرام الكونية بين العناقيد المجريّة فقط، مدّعين أن السبب في ذلك يعود إلى مدى قوة الجذب بين الأجرام، فبزعمهم أن قوة الجاذبية بين النجوم والكواكب والمجرات قويّة، لذلك لا يحدث بينها تباعد، بينما قوة الجاذبية بين العناقيد المجريّة ضعيفة، لذلك الجاذبية لا تمنعها من التباعد!
وقد اكتشف العلماء من خلال الرصد، يتبيّن أن هناك علاقة بين القمر والأرض، والشمس والأرض، وكذلك هناك علاقة بين الكواكب الخمسة، الزهرة وعطارد والمريخ والمشتري وزحل، وبين الأرض، وبينها وبين الشمس.
وكان للعلماء خيارين، إما أن يقولوا: بأن هذه الأجرام تدور حول الأرض، أو أن هذه الأجرام تدور حول الشمس، فاختاروا أن تكون الأجرام بمن فيها الأرض تدور حول الشمس، ولم يكن هذا الاختيار قائماً على أدلة قطعية، بل على فلسفة فكريّة.
كما اعتقد علماء الكونيات، أن الكوكب يدور حول الكوكب، والنجم يدور حول النجم، والنجم والكوكب يدور أحدهما حول الأخر.
وبما أنهم يعتقدون أن النجم أكثر كتلة من الكوكب، فهم دائماً إذا رصدوا كوكباً بإزاء نجم، حكموا بأن هذا الكوكب يدور حول ذاك النجم، حتى أنهم رصدوا نجمان متجاوران، وبجوارهما كوكب، فزعموا أن هذا الكوكب يدور حول النجمين، حتى لا تنخرم نظريتهم في أن النجوم هي مركز الحركة دائماً!
وعلماء الكونيّات عندما حكموا بأن النجم يجب أن يكون أكبر كتلة، وإن كان أصغر حجماً، وبالتالي يجب أن يكون الكوكب هو الذي يدور حول النجم وليس العكس، لم يأتي حكمهم إلا تضامناً مع حكمهم بأن الأرض والكواكب الخمسة هي التي تدور حول الشمس، وحتى تطّرد نظريّاتهم، حكموا بأنه إذا تم رصد كوكب بالقرب من نجم، فيجب أن يكون الكوكب هو من يدور حول النجم.
وفي الوقت ذاته، فقد رصد العلماء نجوم لا يوجد بالقرب منها كواكب أو نجوم أخرى، ليفترضوا أنها تدور حولها، كما رصدوا كواكب كثيرة جداً، لا يوجد بالقرب منها نجوم ليفترضوا بأنها تدور حول تلك النجوم.
وافترضوا بناء على نسبية أينشتاين، أن الكون عندما انفجر وتوسّع، تشكّل في هيئة سرج جواد، ثم تراجعوا عن ذلك، واكتشفوا أنهم اخطأوا، وقالوا بأن شكل الكون مسطّح كالورقة.
مع أن كلا التصورين مخالف للأسس والقواعد الفيزيائية، التي تجزم بان الانفجار عندما يقع، يجب أن يكون في جميع الاتجاهات، وبنسب متساوية.
ولكن انفجار علماء الكونيات حالة شاذة في كل شيء! إنه انفجار لا تعرفه الفيزياء!
كما افترضوا أن يكون التباعد بين الأجرام كبيراً جداً، وهائلاً جداً، لذلك ابتدعوا وحدات حسابية، تعطيهم نتائج كبيرة جداً لأبعاد الأجرام.
فلحساب أبعاد الكواكب الخمسة، وهي: الزهرة وعطارد والمريخ والمشتري وزحل، والكوكبان اللذان أضافهما علماء الفلك المتأخرون وهما: نبتون وبلوتو، يستخدمون الوحدة الفلكية، وهي قائمة على حسابهم لبعد الشمس عن الأرض، وهو حساب ظنّي، وذلك لتكون حساباتهم الرياضية لأبعاد هذه النجوم أكبر من بعد الشمس عن الأرض، بمعنى أنهم لو لم يستخدموا هذه الوحدة في حسابهم، لربما كان ناتج الحسابات أصغر من بعد الشمس عن الأرض.
ولحساب أبعاد النجوم في المجرّة التي تنتمي إليها الأرض، يستخدمون: السنة الضوئية، وهي وحدة قياس أكبر من الوحدة الفلكية، وهذا ليكون ناتج الحسابات الرياضية لأبعاد هذه النجوم أكبر من الحسابات الرياضية لأبعاد النجوم السبعة.
ولحساب أبعاد المجرات، يستخدمون: الفرسخ الفلكي، وهي وحدة قياس أكبر من السنة الضوئية، وهذا ليكون ناتج الحسابات الرياضية لأبعاد تلك المجرات ونجومها، أكبر من ناتج الحسابات لنجوم المجرة التي تنتمي إليها الأرض.
فتحديد قيم هذه الوحدات واختيارها في الحسابات، يتم بشكل متعمّد بناء على افتراضهم لمكان النجم أو الكوكب المرصود من هذا الكون!
ويجب أن نأخذ في الحسبان، أن علم الكونيّات مبنيٌّ على مبدأين، هما: الصدفة والافتراضات.
فبالصدفة نشأ كل شيء، والافتراضات هي الأسس التي يبني عليها علماء الكونيّات نظرياتهم حول كيفية نشأة الكون وهيئته وحركته، ونشأة الحياة على الأرض.
وأما الأدلة التي يطرحونها لإثبات فرضيّاتهم، فهي ليست قطعية، بل ظنيّة.
وعليك أن تأخذ في الحُسبان، أن واضع هذه الفرضيّات ليس مسلماً، ولا يؤمن بالقرآن الكريم ولا بالسنّة النبويّة المطهّرة، وليسوا حتى يهوداً ولا صابئة ولا نصارى، بل هم ملحدون، يريدون من خلال وضعهم لهذه الفرضيات، إيجاد أسطورة خاصّة بهم، لكيفية نشوء الكون وهيئته وحركته، وظهور الحياة على الأرض.
ومن تبعهم من المسلمين أو اليهود والصابئة والنصارى، فإنما هو أجيرٌ لهم، وحتى يساير بين عقيدته الدينية وعقيدته الإلحادية في كيفية نشأة الكون وهيئته وحركته ونشأة الحياة على الأرض، يقوم بتحريف معاني النصوص الدينية التي يدين بها، حتى تأتي متوافقة مع فرضيّات الملحدين، أو على الأقل لا تتعارض معها.
هذا باختصار، هو ظن علماء الكونيّات لكيفية نشأة الكون وهيئته وحركته، ونشأة الحياة على الأرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق