حاول الفلكيون المتقدمون والمتأخرون، معرفة بعد القمر وحجمه، عن طريق الحسابات الهندسية.
فكانت أول محاولة لأجل ذلك، هي محاولة أرسطرخس الساموسي (310 ق م – 230 ق م) حيث حاول معرفة بعد القمر والشمس عن الأرض.
فعن طريق محاولة معرفة حجم القمر بالنسبة إلى الأرض، حاول معرفة بعده.
فقد كان الفلاسفة قد قدّروا محيط الأرض بـ 40،000 كم، ولكي يصل إلى طول قطر الأرض، قام بقسمة طول محيطها، على 3.14، وهي: القيمة العددية التي يتم الحصول عليها عند تقسيم محيط الدائرة على قطرها، وهي نسبة ثابتة لأي دائرة مهما كانت أبعادها. ليكون الناتج: 12,738 كم.
ولكي يصل إلى حجم القمر، انتظر حتى خسف القمر، فقاس مقدار تحدّب ظل الأرض على القمر، ورسم القمر ورسم انحناء ظل الأرض عليه في ورقة، ثم أكمل رسم دائرة الأرض، بناء على مقدار الانحناء الذي رسمه على صورة القمر، وهنا ناسب بين حجم القمر وحجم الأرض، ومن خلال ذلك، استطاع معرفة حجم القمر بالنسبة إلى الأرض، حيث قدّر الساموسي أن قطر الأرض، يساوي ثلاثة أضعاف قطر القمر ونصف، وهذا يعني أن قطر القمر حسب حساباته يساوي 3,639 كم.
ثم أخذ الساموسي عملة نقدية مستديرة، ووضعها أمام عينه، وجعلها تغطي القمر بالتساوي، بحيث يكون حجمها وحجم القمر متساوي ظاهرياً، ثم حسب البعد بين العملة وبين عينه، وبالتالي حساب عدد العملات التي يحتاجها لتغطي المسافة بين عينه وبين العملة.
أخذ الساموسي ناتج قطر القمر الذي توصل إليه، وضربه في عدد العملات التي احتاجها لتغطية المسافة بينه وبين العملة التي غطى بها القمر ظاهرياً، والتي بلغت 108 عملة، واستنتج بعد القمر، والذي كان يساوي حسب حساباته: 393,058 كم.
وهذه الطريقة فيها إشكال.
لأن السؤال هنا: ما الذي أدرى الساموسي، وأعطاه اليقين، بأن ظل الأرض على القمر وقت الخسوف، مساوي لقطر الأرض الحقيقي؟ لأنه حتى يتيقن الساموسي ومن جاء بعده، من أن ظل الأرض على القمر يساوي حجمها الطبيعي، يجب عليه وجوبا أولا أن يعرف بعد الشمس الحقيقي وقطرها الحقيقي، لأن الظل لا يأخذ عادة قطر الشيء، فهو يكبر إذا قربته من مصدر الضوء ويصغر إذا أبعدته عن مصدر الضوء ولا يمكن معرفة ذلك إلا بمعرفة بعد مصدر الإضاءة وقطرها، وهذا ما لم يتوفر للفيلسوف المذكور، بل إن ما فعله هو العكس، حيث استنبط حجم الشمس وبعدها بناء على استنتاجه الظني لبعد القمر وقطره!
فلو كان ظل الأرض أكبر من قطر الأرض، فإن قطر القمر سوف يكون أصغر عما استنتجه الساموسي، بينما لو كانت مساحة ظل الأرض أصغر فإن قطر القمر سوف يكون أكبر مما استنتجه الساموسي.
ولمعرفة الفلكيين بالمشكلة الحسابية التي تعترض حساب الساموسي، قاموا مؤخراً بمحاولة حساب بعد القمر بطريقة أخرى.
وهي قياس بعد القمر وحجمه، من خلال قياس سرعة ظله على الأرض، وقت الكسوف.
القمر وقت الكسوف له ظل، وحتى يتوصلوا إلى بعد القمر وحجمه – حسب زعمهم – يلزمهم قياس سرعة القمر حول الأرض، من خلال قياس سرعة ظله.
فتوصّلوا حسب زعمهم إلى أن ظلّ القمر، يقطع قطر الأرض في 3 ساعات و 45 دقيقة تقريباً.
فبقسمة قطر الأرض ويساوي: 12742 كم على الزمن الذي يقطع القمر فيه هذه المسافة، يتبيّن لهم أن سرعة القمر تساوي: 3693 كم/س تقريبا.
ثم يضربونها في 24 ساعة – عدد ساعات اليوم – فتكون سرعة القمر في اليوم تساوي: 88632 كم/يوم.
وبما أنهم يعتقدون أن القمر يدور حول الأرض كل شهر – حسب زعمهم طبعاً – في 27 يوم و 32 دقيقة.
فيضربون سرعة القمر في اليوم، على 27 و 32 دقيقة، لتكون سرعة القمر في دروانه حول الأرض: 2421426 كم/ شهر.
وهذا هو طول مدار القمر حول الأرض.
وللحصول على نصف قطر هذا المدار، نقوم بالعملية الحسابية التالية:
2421426 / 3.14 / 2 = 385577 كم. وهذا هو بعد القمر عن الأرض.، حسب حساباتهم.
وأما طريقة وصولهم إلى حجم القمر، فهو كالتالي:
إذا كان مدار القمر حول الأرض يساوي: 2,421,426 كم فهذا يشكل عندهم دائرة كاملة، والدائرة الكاملة مقسمة إلى 360 درجة.
وبقسمة طول مدار القمر المزعوم على 360 درجة يكون الناتج يساوي: 6726 كم.
وباستخدام آلة السُدُس – آلة هندسية تقيس أبعاد الأشياء وأحجامها بأجزاء درجات الدائرة – يتّضح لهم أن القمر يساوي: نصف درجة تقريباً.
وهذا يعني أن قطر القمر، يساوي نصف طول مدار القمر في درجة واحدة من درجات الدائرة.
أي أنه يساوي: 3363 كم.
ويتّضح لي، أنه لا تزال إشكالية حجم ظل القمر لم تحلّ بعد، فهم لا يعلمون هل ظل القمر أصغر أم مساوي أم أكبر من حجم القمر نفسه، فلو كان ظل القمر أكب رمن حجمه، فسوف تكون سرعته أكبر، وإذا كان ظل القمر أصغر، فسوف تكون سرعته أبطأ.
ومثال ذلك: أنه لو كان ظل القمر أكبر من حجمه، وكان يقطع 20 درجة في ساعة مثلاً، ولكنه لو كان ظل القمر أصغر من حجمه، فربما يقطع الـ 20 درجة في ثلاث ساعات.
وحساباتهم التي وضعوها، قائمة على افتراض أن القمر يدور حول الأرض مرة كل شهر، وإلا فإنه قد يكون القمر يدور حول الأرض مرة كل يوم، بناء على من يرى ثبات الأرض وجريان الشمس والقمر، وهنا سوف تختلف جميع الحسابات.
وإذا كان هذا هكذا، فإن طول مدار القمر بناء على حساباتهم، سوف يكون: 88632 كم/يوم.
وسوف يكون بعد القمر عن الأرض بناء على ذلك:14113 كم فقط.
وسوف يكون حجم القمر: 123.1 كم فقط.
إذاً تبيّن لنا أن حساب بعد وحجم القمر قائمة على الظن، وكل ما يقام على هذا الحساب بالتالي سوف يكون ظنّيّاً!
أيضاً: هناك طريقة أخرى لحساب بعد القمر، وهي عن طريق إطلاق أشعة الليزر ناحية القمر، وهذه الطريقة، سوف نتحدث عنها، عندما نتحدث عن حقيقة صعود الأمريكيين إلى القمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق