للفلكيين حجّتان على أن الأرض تدول حول الشمس كل عام مرّة.
فالحجة الأولى: ادعائهم رصد تغيّر في مواقع النجوم عند رصدها كل ستة أشهر،فيرصدون موقع النجم، وبعد ستة أشهر يرصدونه مرة أخرى في نفس الوقت، واستظهروا من ذلك، أن الأرض قامت بتغيير موضعها، من أحد جوانب الشمس إلى الجانب الأخر، وهذا يعني أنها تدور حول الشمس.
وهذا الدليل باطل، والسبب في ذلك، يعود إلى تغيّر الظروف المناخيّة وقت الرصد، فليست الظروف المناخية هي نفسها الظروف المناخية بعد ستة أشهر، مما يؤدي إلى تغيّر في درجة الحرارة، وكثافة الماء في الجو، ومقدار الرطوبة، والتي تسبب تغيّراً في انكسار الضوء الصادر من هذه الأجرام السماوية، فتبدو وكأنها تغيّرت عن مواقعها، مما يجعل من المستحيل التأكد من صحة الأرصاد، وهل التزيّح الواقع في اماكن النجوم، صادر حقاً من تغيّر مكان الأرض، أم أنه بفعل تغيّر انكسار الضوء في الغلاف الجويّ.
والدليل الثاني: الحركة التراجعية للكواكب الخمسة السيارة. (عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل)
فكواكب "المجموعة الأرضية" التي يسمونها: "المجموعة الشمسية" لها حركات تراجعيّة، فالمريخ والمشتري وزحل، يسيرون في اتجاه معيّن، إلا أنه يحدث لهما في فترة من الفترات حركة عكسية، حيث تبدوا وكأنها ترجع إلى الوراء، وتدنوا من الأرض قليلاً، وهذا يتم معرفته من خلال ازدياد شدة استضاءة الكواكب، فإذا زادت استضاءة الكوكب فهذا يشير عندهم إلى دنوّه من الأرض، وتحدث شيء شبيه بالتوقيع.
فخمّن الفلكيون، أن هذه الحركة التراجعية حركة وهميّة، وأن هذه الحركة تقع بسبب أن الأرض تلحق بهذه الكواكب أثناء دورانها المزعوم حول الشمس، فيبدو الكوكب كأنه يتراجع، فإذا تجاوزته الأرض، بدأ في اللحاق بها، وبهذا يرجع إلى حركته في الاتجاه المعتاد، محدثا أشبه ما يكون بتوقيع (انظر الصورة في المرفقات)
ويمثلون ذلك بسائق سيراة سريعة يلحق بسيارة بطيئة، فيبدو وكأن صاحب السيارة البطية يتراجع إلى الوراء، فإذا تجاوزه صاحب السيارة السريعة، بدى وكأن صاحب السيارة البطيئة أخذ يلحق بصاحب السيارة السريعة!
وطبعاً، هذه الحجة باطلة، وهذا المثال باطل!
وذلك أن راكب السيارة السريعة، سوف يلجظ الحركة التراجعية للمركبة البطيئة منذ أن يراها بعينه، وسوف تستمر المركبة البطيئة في حركتها التارجعية، حتى بعد أن يتجاوزها صاحب السيارة السريعة، ولن يلحظ أي حركة تقدمية للمركبة البطيئة، لأنها لا يزال يبتعد عنها، وبنفس السرعة التي أدركها به.
لماذا؟ لأن السيارة السريعة لا زالت تبتعد عن السيارة البطيئة بنفس السرعة التي لحقتها بها، فلا السيارة السريعة خفَّفت من سرعتها عندما تجاوزت السيارة البطيئة، ولا السيارة البطيئة زادت من سرعتها، عندما تجاوزتها السيارة السريعة، وبالتالي سوف تكون السيارة البطيئة في حكم السيارة الواقفة تماماً.
هذا أمر مُسَلَّمٌ به.
إذا لو كانت الحركة التراجعية للمريخ والمشتري وزحل بسبب أن الأرض تلحق بها أثناء دورانها المزعوم حول الشمس، لكانت هذه الكواكب في حركة تراجعية دائماً، كل ما أدركت الأرض أحد هذه الكواكب، لاحظ الراصد من الأرض، أن هذه الكواكب تتراجع إلى الوراء، منذ أن يدركها ببصره، وسوف يستمر في ملاحظة تراجعها حتى بعد أن تتجاوزها الأرض.
وبالتالي لن تكون هناك حركة تراجعية ملحوظة لهذه الكواكب للراصد من الأرض، لأن الكواكب مستمرة في حركتها التراجعية، ولن يكون هناك أي توقيع في السماء لهذه الكواكب، بل سوف يكون خط سيرها مستقيماً، أو مائلا قليلا للأعلى أو الأسفل، بحسب موضع الأرض من فلكها المزعوم المائل حول الشمس! وكل ما سوف يلحظه الراصد، هو أن استضاءة هذه الكواكب تزداد كل ما دنت الأرض منها.
وهذا طبعاً ما لا يلحظه الراصد في الواقع!
حسناً: هل يمكن أن يلحظ الراصد حركة تراجعية للكواكب حقيقية؟
والجواب: ربما نعم، فلو افترضنا صحة قولهم حول دوران الأرض حول الشمس، فإنه عندما تتجاوز الأرض كوكباً من الكواكب الثلاث المذكورة (المريخ والمشتري وزحل) بمراحل، حتى تصل إلى أقصى مدى لها من الشمس بالنسبة لأحد هذه الكواكب، فعندما تعطف الأرض لتكمل مسارها حول الشمس، ويكون أحد الكواكب لا يزال مستمراً في حركته ليصل إلى أقصى مدى له في فلكه حول الشمس، بالنسبة للأرض، فعند ذلك، يمكن للراصد أن يلحظ حركة عكسية لهذا الكوكب، ولكن في هذه الحالة، تكون الأرض بعيدة عن هذا الكوكب، وبالتالي لا يمكن أن يلحظ الراصد أن استضاءة هذا الكوكب تزداد، بل على العكس، يراها تضعف، وهذا ما لا يلحظه الراصد في الواقع أيضاً.
وأما حركة الزهرة وعطارد التراجعية، فهي في الحقيقة إنما تشير إلى أن الزهرة وعطارد يدوران حول الشمس، مما يشير إلى أنهما قمران للشمس، كما أن للأرض والمريخ والمشتري وزحل أقمار تخصها، والدليل على ذلك، أن الزهرة وعطارد لا يمتلكان أي أقمار، فترجَّح أنهما قمران للشمس فقط.
والعجيب، أن علماء الفلك يزعمون أن الراصد من الأرض سوف يلحظ الحركة التراجعية للزهرة وعطارد، وسوف يلحظها للمريخ والمشتري وزحل، وهذا لا يمكن أن يكون، فإما أن يلحظها للزهرة وعطارد، ولا يلحظها للمريخ والمشتري وزحل، أو أن يكون العكس، فإذا لحظها الراصد من الأرض للزهرة وعطارد، فإن الراصد من المريخ والمشتري وزحل، سوف يلحظها للأرض، في فلكها المزعوم حول الشمس، وإن كان الراصد من على الأرض يلحظها للمريخ والمشتري وزحل، فإن الراصد من على الزهرة وعطارد، سوف يلحظها للأرض، لا أن الراصد من على الأرض يلحظ الحركة التراجعية للكواكب السيارة سواء الاسرع منه وتدور في فلك أضيق حول الشمس أو الأبطئ منه وتدور في فلك أوسع حول الشمس.
لذلك فبطليموس كان محقاً عندما لم يستدل بهذه الحركات التراجعية على أن الأرض تدور حول الشمس، بل لأنه يعلم أن هذه الظاهرة لا تدل على ذلك أساساً، ولذلك افترض ما أسماه دوائر الأفلاك، حيث يفترض بطليموس أن هذه الأفلاك تدور حول نفسها في وقت مخصوص، لسبب لا يعلمه، ولا أحد يعلمه.
وقد تابع بطليموس مجموعة من فلاسفة الإغريق، وكذلك تيخو براهي أحد كبار علماء الفلك في زمانه، لم يقبل بنظرية كوبرنيكوس مع أنه جاء بعده، وكل هؤلاء العلماء كانوا على علم يالحركات التراجعية للكواكب الخمسة السيارة، ولم يعتبروها حجة على دوران الأرض حول الشمس، لعلمهم أنها لا تدل على ذلك بأي وجه من الوجوه.
وإنما استدل بهذه الحجة، من لا يملك الحجة على دعواه حول مركزية الشمس ودوران الأرض حولها، ليوهم الناس أن لديه حجة.
إذاً الحقائق، تدل على أن حركة الكواكب التراجعية، لا علاقة لها بحركة الأرض المزعومة حول الشمس، وبالتالي تسقط الحجة الثانية التي قدمها الفلكيون لإثبات دوران الأرض حول الشمس.
تنبيه: بعض المواقع الاحتيالية تصنع محاكاة تزعم فيها أنهم يثبتون بذلك أن توقيع الكواكب في السماء دليل على دوران الأرض حول الشمس، والحقيقة أنهم يلبسون على الناس جهلاً أو عمداً، لأن التوقيع الذي يحدثه برنامج المحاكاة ليس هو ما يراه الراصد، فكما قلت سابقاً لا يمكن للراصد من على الأرض أن يلحظ الحركة التراجعية للزهرة وعطارد، وفي نفس الوقت يلحظها للمريخ والمشتري وزحل، بل يجب أن الراصد من على المريخ أو المشتري أو زحل، هو من يلحظ الحركة التراجعية للأرض، وهي تدور في فلكها المزعوم حول الشمس!
ولم يكن علماء الفلك الكوبرنيكيون، يعوّلون على هذه الحجة أساساً، بل كانوا يعوّلون على حدوث تزيّح في النجوم، عند رصدها مرتين في السنة.
فإذا تم رصد نجم في منتصف فصل الصيف فإنه يجب أن يتزيّح موقعه بعد رصده بستة اشهر، أي في منتصف الشتاء، لأن الأرض تغيّر موقعها من إحدى جهات الشمس إلى الجهات الأخرى.
ولكن مع الأسف، لم يقع مثل هذا الرصد!
ولكن، لو سلمنا أنهم ادعوا وجود تزيح في النجوم، فليس هذا دليلاً قطعيّاً ايضاً.
والسبب في ذلك، أن درجة الحرارة، ودرجة الرطوبة، في الأجواء تتغيّر، فليس الصيف كلاشتاء، ولا الخريف كالربيع، ولذلك سوف تتغيّر درجة انكسار الضوء، للأضواء الصادرة من خارج الكرة الأرضية، وبالتالي لا يمكن الوثوق بصحة الأرصاد حول وقوع تزيح في النجوم عند رصدها في مواسم مختلفة.
ولا أدل على ذلك أن علماء الفلك، يصرّحون أنه حتى أثناء قياس أبعاد النجوم، عن طريق حساب المثلثات، فإن التزيّحات المرصودة، ضعيفة جداً، حتى قال السيد دينا ل. موشيه، في كتابه: علم الفلك دليل التعلم الذاتي. أن محاولة رصد تزيّج نجم من الأرض، هو كمحاولة رصد تزيح عملة معدنية من على بعد 2 كيلو متر. أي: أنها تزيحات طفيفة جداً، ويقيسونها بالثانية القوسية، وهي وحدة قياس صغيرة جداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق