الأحد، 11 فبراير 2024

علاقة علماء الفلك القائلون بمركزية الشمس بالمجوسيّة وعبادة النيران

يقول فرديناند هوفر (1811 - 1878م) في كتابه "تاريخ علم الفلك" يقول أرسطو ‏(384 ق.م - 322 ق.م) نقلاً عن فيلولاوس (470 ق.م - 390 ق م) : "إن مكان الشرف لابد أن يحتله الأكثر رفعة، ولكون النار أكثر رفعة من الأرض؛ فإن الأرض تدور حول النار في حركة دائرية". اهـ

وفيلولاوس هو أحد أبرز تلاميذ فيثاغورس (570- 495 ق.م) مؤسس المدرسة الفيثاغوريّة.

ويقول نيكولاس كوبرنيكوس (1473 - 1543م) عرّاب العلوم الفلكية المعاصرة، في كتابه: حركة الأجرام السماوية، ما نصّه: "القمر يدور حول الأرض، والشمس تحتل مركز العالم الذي تنيره وتحكمه" اهـ

ويقول بيير بورل (1620-1671م) في كتابه "منطق جديد يثبت تعدد العوالم" : "إن الذين يتخيلون أن العدداللانهائي من الأجرام السماوية قد خلق من أجل كوكب الأرض وسكانها قد أخطؤوا خطئاً جسيماً، لأن المنطق الطبيعي يجعلنا لا نقبل بأن الأشياء الكبيرة تنقاد للأشياءالصغيرة، وبأن الأكثر رفعة يخدمون الأكثر ضعة". اهـ

قال ياسر فتحي: وهم في ذلك يتبعون إمامهما إبليس في القياس الفاسد حين أُمر بالسجود لآدم فقال : ﴿ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴾ [الأعراف (12)].

مستفاد من كتاب: "لماذا حركوا الأرض" تأليف ياسر فتحي وحسن عليّة.

التعليق: هذه النصوص، تكشف لنا العلاقة الوطيدة بين أصحاب نظرية مركزية الشمس، وبين المجوسيّة، التي تتخذ من النار والشمس آلهة تعبد من دون الله تعالى.

فالمجوسيّة كانت منتشرة في أصقاع الأرض، بل لا تكاد تخلو أرض من عابد شمس أو نار، تعتبر النار عند الشعوب القديمة، مصدراً للقوّة، وهم وإن عبدو آلهة كثيرة غيرها، إلا أن الشمس أو النار، تبقى في الصدارة بالنسبة لهم.

والسبب في ذلك، هو أن النار، هي مادّة خلق إبليس لعنه الله، ولذلك هو يريد أن يجعل أعداءه خاضعين لها، ولما كانت الشمس مخلوقة من المادة التي خُلِق منها، جرّ الناس إلى عبادتها.

وكان هناك اتصال بين عالم شياطين الجن، وشياطين الإنس، المتمثل في الكهنة، حيث كان الكهنة يقدمون أنفسهم كوسطاء بين عالم الإنس وعالم الجن، وكان الكهنة، يوهمون الناس بأنهم يتواصلون مع الآلهة، مدّعين أن شياطين الجن آلهة! 

وأكبر دليل على ذلك، هو ما شهد به العالم الفلكي الفرنسي بيير بورل (1620-1671م) حيث قال في كتابه "منطق جديد يثبت تعدد العوالم" : "إذا كان هنالك مخلوق يعرف عين الحقيقة بالنسبة لتعدد العوالم ويمكنه الإجابة الكاملة على هذا السؤال: فإنهم الشياطين، ولكن كيف يمكننا الحصول على أقوالهم حول هذا الموضوع، إن ذلك من خلال وسائل الاتصال بهم، إنه أكيد فإن هذه pans, syluains والآلهة الأخرى التي كانت تظهر قديماً  للناس كانوا شياطين محبوبين، وفي قصة الساحر fauste قال بأن الشياطين تتجول بين النجوم خلال ثمانية أيام وإنهم يصعدون 47 ألف lieues (المسافة تساوي 188000 كيلو متر) وإنهم يرون الأرض ومدنها من هذه المسافات الشاسعة ...".

وأولئك الكهنة هم من ألّف الاساطير القديمة حول الآلهة، الموجودة في التراث المصري واليوناني، وهذه الأساطير لا شك أنها موجودة عند باقي الأمم، ولكن لم يدون منهم أحد شيئاً من تلك الاساطير، سوى المصريين واليونان، ولذلك بقيت قصص الآلهة محفوظة في الكتب.

ولأن الفيثاغوريين كانوا على ما يبدو مجوساً، أرادوا أن يجعلوا النار هي المحور، وأن جميع الأكوان تدور حولها، ولأنه في ذلك الزمان، كان من اليونان من يعظّم كواكب أخرى كالمشتري وزحل، ويقدّمها على النار، اختلق الفيثاغوريين أسطورة النار المركزية، التي تدور حولها الأجرام، ليتفادوا بذلك التصادم مع الطوائف الدينية الأخرى.

ويظهر أن هذه العقيدة بشكل أو بأخر، انتقلت عبر الأزمان، مروراً بعلاء بن الشاطر، إلى زمن كوبرنيكوس. لذلك نجد في حديث كوبرنيكسو عنها شيئاً من التفخيم والتعظيم.

تلك العقيدة التي بنيت عليها نظرية مركزية الشمس، والتي أثبتت الأرصاد خطئها الشنيع، والذي لا يزال علماء الكونيات والفلك في هذا الزمان يرفضون تقبلها والإقرار بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق