وكما حاول الفلكيون معرفة بعد وحجم القمر، فقد حاولوا أيضاً معرفة بعد وحجم الشمس، وكان لأرسطرخس الساموسي، قصب السبق في ذلك.
فالساموسي حسب بعد الشمس عن طريق حساب المثلثات بالنسبة للقمر، بناء على حساباته التي أجراها على حجم وبعد القمر، وهي حسابات ظنيّة وليست يقينيّة، استنتج أن بعد الشمس يساوي: 7400000 كم.
ولكي يصل إلى حجم الشمس، قام بحل المعادلة التالية:
المسافة بين الأرض والقمر / المسافة بين الأرض والشمس = قطر القمر / قطر الشمس.
واستنتج أن حجمها يساوي: 1352004 كم.
وبما أن حساب الساموسي قائم على مُعطاً افتراضي، وهو حجم القمر، فبالتالي يكون ناتجه عن بعد الشمس وحجمها افتراضياً أيضاً.
ولكن هذه النتيجة، هي التي أوحت للفلكيين من بعده وإلى زماننا هذا، أن الشمس أكبر من الأرض، وأن الأصغر ينبغي له أن يدور حول الأكبر، وبالتالي يجب أن تكون الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس، وقد أصبحت هذه النظريّة عقيدة راسخة عند الكثيرين من الفلكيين، خصوصاً من له علاقات مشبوهة بالمجوسية وعبادة النيران.
وجاء بعده عالم بلجيكي يدعى: قود فرويد ويندلين في سنة 1635م، وقام بإعادة حسابات الساموسي عن طريق حساب المثلثات بالنسبة للقمر أيضاً، ليدعي أن حسابات الساموسي للزوايا، غير دقيق، ويستنتج أن المسافة بين الأرض والشمس تساوي: 8100000 كم
وبناء على هذا الاستنتاج، فقد زاد قطر الشمس إحدى عشر ضعفاً عن المقدار السابق!
بينما قام بعض الفلكيين بحساب بعد الشمس بواسطة معرفة بعد الزهرة، من خلال إستغلال عبور كوكب الزهرة من قدام الشمس، والذي استنتجوه من خلال حساب المثلثات، بمعلومية مقدار التزيّح للكوكب، إذا رصد من مكانين مختلفين.
حيث رصد جيرمي عبور الزهرة من مدينة برستون الإنجليزية، وسافر صديقه وليام لمدينة أخرى بالقرب من مانشستر، وقاموا برصد عبور الزهرة في نفس الوقت، وقام كل واحد منهما برسم مشاهداته في ورقة، وبعد أن قاموا بدمج الرسمتين، وبمعرفة بعد المسافة بين المدينتين، حاولوا معرفة بعد كوكب الزهرة عن طريق حساب المثلثات، ثم انتظروا حتى يكون الزهرة في طور التربيع، بحيث يكون كوكب الزهرة مقابل للشمس تماماً، ويعمل معها مثلث قائم الزاوية، ومن خلال حساب المثلثات ايضاً استنتجا أن بعد الشمس يساوي 144,000,000 كم تقريباً.
وهذه نتائج ظنيّة، لأن تقديرهم لبعد المدينتين عن بعض على الخريطة يعوزه الدقّة، وبالتالي قد يكون حساب زوايا المثلث خاطئة، وغير صحيحة.
وبعد اختراع حساب المسافات عن طريق حساب سرعة موجات الراديو، والتي يدّعي الفلكيون أنها أدق من حساب المثلثات! استنتجوا أن بعد الشمس عن الأرض، يساوي: 150،000،000كم. وبمعلومية بعد الشمس، وقطرها الظاهري، تم استنتاج قطر الشمس، والذي قدّروه بـ 1,392,700 كم، ومن خلال معرفة قطرها، استنتجوا مقدار محيطها، والذي قدروه بـ 4,379,000 كم.
وهذه الطريقة أيضاً ظنيّة، كون حساباتهم القائمة على تقدير أجهزتهم لسرعة موجة الراديو، هو بحد ذاته غير دقيق، ولا يمكن الوثوق به.
وهناك طريقة حسابية قام بها هواة ومتخصصون، لحساب بعد الشمس عن الأرض، عن طريق حساب المثلثات، ولكن بدل أن يتم القياس بواسطة معلومية بعد القمر أو الزهرة، تم قياس بعد الشمس مباشرة.
حيث يتم انتظار الشمس حتى تتعامد على موضع، وينظر إلى معلم في موضعٍ أخر، يكون طول ظله مساو لطوله، في نفس الوقت الذي تعامدت فيه الشمس على الموضع الأول، فيتم رسم خط من رأس ظل ذلك المعلم، يمرّ هذا الخط برأس المعلم نفسه، ويوصل إلى الشمس، وهذا الخط، يمثل الضلع الوتر، ويرسم خط من الشمس إلى الموضع الذي تعامدت عليه، ويمثل الضلع المقابل، ويرسم خط من الموضع الذي تعامدت عليه الشمس، إلى المعلم، ويمثِّل الضلع المجاور، ثم بمعلومية زوايا هذا المثلث، يتم حساب بعد الشمس.
وقد تم إجراء عدة تجارب بهذه الطريقة، وكانت النتائج متقاربة، ومتوسطها يساوي: 5000 كم، مما يعطي الشمس حجماً أصغر بكثير جداً مما استنتجه الفلكيون الغربيّون.
ولكن هذه الطريقة سوف تكون قطعيّة، لو كانت الأرض مسطحة، وأما في أرض كروية، فإن هذه الطريقة لن تكون مجدية، بل سوف يحكم عليها بالفشل، لأن طول ظل الأشياء على الأرض، قد يكون بسبب تحدّب سطح الأرض، وليس بسبب تموضع الشمس.
ومثال ذلك: لو جئت بجسمين ووضعتهما تحت مصدر للإضاءة، بحيث لا يكون لهما ظل، فإنك أو أملت أحد الجسمين، سواء أملت الجسم نفسه، أو حنيت الموضع الذي هو عليه، فإن ظله سوف يطول، وسوف يزداد طول ظله كل ما زدت في إمالته.
ولكن هناك طريقة أخرى، قام بها الباحث الفلكي السيد عادل العشري في كتابه: الأرض ثابتة لا تدور. وهي طريقة صحيحة، حيث قام بحساب بعد الشمس عن الأرض بمعلومية الظل، فبناء على حجم الشمس الظاهري، وما تضيئة من الأرض، وما تحدثه من ظل، استنتج أن بعد الشمس عن الأرض يساوي: 35790 كم، مما يعطي الشمس حجماً أصغر بكثير جداً من حجمها الذي استنتجه الفلكيون الغربيّون.
وإذا ما صحّ هذا الاستنتاج، فإن قطر الشمس سوف يكون قرابة: 278كم.
والغريب أن هذا يساوي ضعف قطر القمر، في حال ثبات الأرض! وهذا يفسّر لنا التقارب الظاهري، بين حجم القمر وحجم الشمس، كون حجم الشمس ضعف حجم القمر تقريباً، وبعدها عن الأرض ضعف بعد القمر تقريباً.
وأما أذا استخدمنا طريقة الساموسي، وأخذنا بحساباته للزوايا، ولكن استبدلنا باقي معطياته، بنتائج الحسابات لحجم وبعد القمر بناء على ثبات الأرض وجريان القمر، فسوف يكون بعد الشمس: 269292 كم، وسوف يكون حجمها: 2348 كم.
وهذا الحساب، إنما يصح إذا كانت الأرض ثابتة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق