الأحد، 18 فبراير 2024

حقيقة المادة المظلمة

في علم الفلك وعلم الكون، المادة المظلمة أو المادة المعتمة أو المادة السوداء (بالإنجليزية: Dark matter)‏ هي مادة افتُرضت لتفسير جزء كبير من مجموع كتلة الكون.

وهذه المادة يقال أن أول من افترض وجودها هو العالم الفلكي الهولندي: يان أورت، حيث اكتشف يان أورت أن كثافة المادة بالقرب من الشمس شكلت ما يقرب من ضعف مما يمكن تفسيره من خلال وجود النجوم والغاز وحدهما.

بمعنى أن أورت لما حاول حساب كثافة المادة حول الشمس عن طريق الأجهزة المعدة لذلك، وجد أن هناك كثافة كبيرة بالقرب من الشمس، كان بالإمكان تفسير هذه المادة من خلال وجود الشمس، ولكن هذه المادة كانت أكبر بكثير مما يمكن تفسيره بوجود الشمس، ولأنه لم يرصد أي جشم، اقترح وجود المادة المظلمة، والتي ادعى أنها هي المتسببة في هذه الكثافة الزائدة حول الشمس!

ولنا أن نتسائل: ها أنت يا أورت رصدت هذه الكثافة حول الشمس، وجئت بهذه الفرضية لتحل بها هذه الإشكاليّة، ولكن النجوم الأخرى لم تُرصد فيها هذه الظاهرة، فكثافة المادة حولها ليست كما هي حول الشمس، والمادة المظلمة تملأ الكون بناء على افتراضكم، فكيف لم يتم رصد كثافة زائدة حول النجوم الأخرى كما هو الحال بالنسبة للشمس؟

إذا هذه الزيادة في الكثافة، قد يكون هناك سبب يتعلق بالشمس ذاتها، وما تصدره من أشعة أو تفاعلات كيميائية ولا علاقة لها بما افترضه أورت من وجود المادة المظلمة، وهذا أيضاً افتراض مني أنا، ولكن تبقى المسألة غيب لا يعلمه إلا الله تعالى.

الظريف أن هذه المادة، صارت ملجأً سهلاً للفيزيائيين، لحل المعضلات الفيزيائية التي تعترض طريقهم، فقد استخدمها العالم السويسري: فريتز زفيكي للحصول على دليل حول «الكتلة المفقودة» المطلوبة نظرياً للسرعات المدارية للنجوم في المجرات، واستخدمتها العالمة الأمريكية فيرا روبين لحل معضلة تقارب سرعات النجوم والكواكب أثناء دورانها المزعوم حول مركز المجرة، فصارت هذه المادة المظلمة، شُمّاعه، يفسّر بها الفلكيون أي اختلاف في حساباتهم الرياضيّة.

والمادة المظلمة شبيهة بالموج السماوي، الذي افترض تيخو براهي وجوده، ليفسّر به حركة الأجرام السماوية دفعة واحدة حول الأرض، حيث كان يعتقد أن النجوم الثوابت، تسير بسرعة واحدة، متوافقة، حول الأرض، وفي الواقع، قد لا تكون النجوم التي نراها ثوابت، ثوابت في الحقيقة، بل قد يكون ثباتها ثباتاً ظاهريّاً فقط، لبعدها عنّا.

إذاً، وجود المادة المظلمة، مجرّد افتراض، لشيء لا يمكن إثباته.

والعجيب، أن علماء الفضاء، قاسوا هذه المادة المظلمة المزعومة، وقدّروا مقدارها في هذا الكون.

عجائب علماء الفضاء لا تنتهي!

حسناً من أين جاء يان أورت بفكرة المادة المظلمة؟

يظهر لي أن أورت إنما جاءته هذه الفكرة، من كتب أهل الكتاب، لأنه في كتب أهل الكتاب أن الله تعالى خلق النور والظلمة، وبالتالي فالظلمة عندهم مخلوق، ومن هنا اقتبس أورت فرضيّته حول المادة المظلمة، ليفسّر بها اختلاف الكثافة في الكون.

وأما في القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى في سورة الأنعام: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1))

فذهب بعض المفسّرين، إلى أن المراد بالظلمات والنور، أي: ظلمات الليل ونور النهار، وذهب أخرون، إلى أن المراد بالظلمات والنور هنا، ظلمات الجهل والكفر. ونور العلم والإسلام، وكلا القولين واردين، وقد يكون المراد بذلك هذا وذاك، فقد تكون ظلمة الليل مخلوقة كالنهار، فيكون المراد بالظلمات في الآية ظلمة الليل، وربما تكون الظلمة ليست سوى وجه أخر من وجوه العدم، ويكون المراد بالظلمات في الآية ظلمة الجهل والكفر. 

والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق